بدأ مرض النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-يشتد فاصابه صُداعٌ شديدٌ في رأسه وهو عائدٌ من جنازةٍ كانت في البقيع، حتى إنّه وضع عصابةً على رأسه من شدّة الألم ثمّ أحسّ بخفّة في جسمه؛ فدخل المسجد وعلى رأسه عصابة، وخطب بالناس
وأوثق الناس، فقال: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» ، كرر ذلك
ويبدأ الاحتضار فأسندته عائشة الخاصة، وتقول: إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي ورمزي ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته. دخل عبد الرحمن- بن أبي بكر- وبيده السواك، وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته عنه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: أكلمه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فتناولته، فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته. فأمره- وفي رواية أنه استن حسن ما كان مستنا- وأخذ ركوة ماء فيها، فجعل يأخذ الماء في مسح وجهه، يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات» – الحديث .
وما عدا ذلك أن يفرغ من السواك حتى يرفع يده أو إصبعه، وشخص بصره نحو، وتحركت شفتاه، فأصغت إليه عائشة وهو يقول: «مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى .
كرر الكلمة الأخيرة ثلاثا، والت اليد والحق بالرفيق العلوي. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ. وقد صلى الله عليه وسلم ثلاث وستين سنة وزادت أربعة أيام.
اتفاق الاحزان على الصحابة
وتسرب النبأ الفادح، وأظلمت على المدينة أرجاؤها وآفاقها. قال أنس: وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم